يتطور الذكاء الاصطناعي ويزداد قوة وانتشارًا من دقيقة لأخرى. تحاول الزراعة، شأنها في ذلك شأن كل الصناعات الأخرى، الاستفادة من التكنولوجيا الجديدة بشتى الطرق، إذ تقوم بالفعل العديد من الشركات الكبيرة والشركات الناشئة بدمج حلول الذكاء الاصطناعي المتطورة للمساهمة في تحديث واحدة من أكثر المجالات التقليدية الموجودة منذ بدء الخليقة - الزراعة.
في العام الماضي، تم تقدير الحصة السوقية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي بالزراعة بقيمة 1.1 مليار دولار. وقد أشارت (فانتاج ماركت ريسيرش) إلى أنه من المتوقع أن يصل حجم هذا السوق في مجال الزراعة إلى 4.2 مليار دولار بحلول عام 2028، وذلك بمعدل نمو سنوي يبلغ 25.1٪.
وبالفعل، أصبح الذكاء الاصطناعي واعدًا، وبشكل كبير، في ثلاث مجالات. بدءا من استخدام أجهزة الاستشعار الذكية (الحسَّاسات)، إذ يمكن لأجهزة الاستشعار المتصلة بالشبكة قياس درجة رطوبة التربة وموضعها وتدفق الهواء والطقس. ويساعد الحصول على قراءات دقيقة للغاية المزارعين على تعديل العوامل البيئية من أجل تحسين الإنتاجية وخفض التكاليف. وهو ما يقودنا إلى المجال الثاني الذي يمكن أن يساعد فيه الذكاء الاصطناعي، إذ يمكن أن يحل محل العمالة البشرية. فالكثير من الشباب بالأجيال الجديدة أصبحوا يبتعدون عن العمل في مجال الزراعة بينما يتقاعد المزارعون المهرة من كبار السن. هنا يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير العديد من العمليات وأتمتتها، مما يقلِّل من الحاجة إلى عمالة إضافية إذا لم تتوفر في المستقبل. وأخيرًا، يمكن أن يساعد استخدام الدرون (الطائرات بدون طيار) المزارعين في رش المبيدات الزراعية بدقة أكبر واستهداف المناطق الجاهزة والمحتاجة فقط، مما يقلل بشكل كبير من كمية رش المواد الكيميائية المستخدمة والتي تتسرب إلى المياه الجوفية وبذلك يتم الحفاظ على الموارد البيئية صالحة لأكثر فترة ممكنة.
يربط الكثيرون بين الذكاء الاصطناعي والمزارع الكبيرة، بينما قد يكون هذا هو الحال في الكثير من تطبيقات هذا المجال بالفعل، إلا أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مفيدًا جدًا لزراعة أصحاب الحيازات الصغيرة كذلك حيث أصبحت التكنولوجيا أكثر انتشارًا وبتكلفةً معقولةً. فالتوفير في التكاليف وزيادة الإنتاج سيتجاوز بكثير التكلفة الأولية للاستثمار في هذه التقنيات الجديدة. وعلى الرغم من أن العديد من هذه الأدوات يتم تصميمها للاستخدام في المزارع ذات الحيازات الكبيرة، فإن العديد من الباحثين والمنظمات يستفيدون من "البيانات الضخمة" Big data في تعلّم الآلة لتوفير معلومات مفتوحة للجميع وأدوات ديناميكية يمكن لأي شخص استخدامها، بغض النظر عن حجم مزرعته.
وينضم الكثير من المهندسين والمطورين في أفريقيا إلى هذه الحركة ويصممون أدوات يمكنها مساعدة صغار المزارعين، والتي تم تصميمها خصيصًا لتلبية احتياجات المنطقة. ففي تنزانيا، يستخدم مشروع "آرتيميس"، وهو تعاون جديد، تقنية الفينوتايب المتقدمة في مساعدة صغار المربين والمزارعين على اكتشاف سلالات أكثر مقاومة لنقص المياه وتؤدي إلى زيادة الإنتاجية. وفي كينيا، يستخدم المزارعون "UjuziKilimo"وهي منصة ذكاء اصطناعي توفر بيانات زراعية لصغار المزارعين. واستخدم مطورو البرمجيات (من مدينة مبالي، أوغندا) منصة الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر "TensorFlow" التابعة لشركة جوجل، لإنشاء تطبيق "صديق المزارع" والذي يمنع انتشار دودة الجيش الخريفية / دودة الحشد الخريفية وتدمير المحاصيل.