نحتفل اليوم مرة أخرى باليوم العالمي للمياة والذي يجعلنا نقف عند مفترق طرق حرج في جهودنا المستمرة لمواجهة ثلاث تحديات مترابطة: قضايا ندرة المياه، تغير المناخ، والمطالب المتزايدة بممارسات زراعية أكثر استدامة. هذه تحديات عالمية تبرز الحاجة الملحة للتعامل معها من خلال علاجات عملية ومبتكرة. في هذا السياق، من المهم إدراك الأوضاع التي تشهدها مصر، البلد الذي تهدهده مياه نهر النيل التاريخية. تكافح البلاد للتوفيق بين تراثها الزراعي العريق ومطالب سكانها المتزايدة ، مما يعكس سردية عالمية أوسع. في جميع أنحاء العالم، تواجه المجتمعات تحديات مماثلة وتبحث عن طرق لإدارة مواردها المائية الثمينة بشكل مستدام، رغم تغير المناخ
التقاء تحديات المياه والمناخ العالمية
بحلول عام 2024، أصبحت آثار تغير المناخ على الموارد المائية واضحة للعيان. أنماط هطول الأمطار تتغير بشكل غير منتظم، ومع ذلك، ترافق الجفاف الممتد وارتفاع درجات الحرارة، لا تؤثر على توافر المياه العذبة فقط ولكن تهدد أساس الأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي. كل هذه تمثل تحديات لمصر، والتي تتضاعف بالنظر إلى اعتماد البلاد على نهر النيل؛ النهر يتعرض لضغوط متزايدة بسبب مشاريع التطوير في الدول الواقعة في المنبع والحاجة الكبيرة للمياه لأغراض الزراعة. هذا يعكس الأزمة العالمية، حيث يتم إزعاج التوازن الرقيق بين إمدادات المياه والطلب المتزايد بشكل متزايد ويدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وحلول مبتكرة صديقة للبيئة ومبنية على الطبيعة والتي تحتاج لبحث ودراسة كونها قد تمثل فرص كبيرة للمساهمة في التغلب على تلك التحديات
الآبار الشاطئية ووحدات الترشيح الطبيعي
في جوهره، يستفيد ترشيح الضفاف من الترشيح الطبيعي في المناطق المحيطة بضفاف النهر. يتم وضع آبار الاستقبال بجانب الضفاف، حيث تمر المياه عبر التربة وعدة طبقات من الرواسب، مما ينقيها من العديد من العناصر الضارة المحتملة. هذا الإجراء المبتكر لا يعزز جودة المياه المستخرجة فقط ولكنه يقلل من الاعتماد على المعالجات الكيميائية، مقدمًا بديلاً مستدامًا لأساليب تنقية المياه التقليدية القائمة.الابار الشاطئية هي واحدة من المشروعات التي تتعاون فيها شركة المياه التابعة للدولة مع المجتمع المدني لتنفيذه لمضاعفة قدرات محطات الدولة المتصلة بالشبكة لمضاعفة انتاجيتها ، ومؤسسة "من الماء حياة" من المؤسسات الرائدة في هذا التعاون من خلال تنفيذ عدد من المشروعات الناجحة مع شركة مياه قنا وقد أسفرت هذه الشراكة عن نتائج إيجابية حقيقية، حيث ساهمت أنظمة ترشيح الضفاف في مضاعفة قدرة وحدات معالجة المياه القائمة واستفاد منها مباشرة أكثر من 20,000 فرد لكل مشروع. تمثل هذه المبادرة فرصة اقتصادية لترشيح الضفاف على طول نهر النيل وتبرز الآثار البيئية والمناخية الإيجابية، مما يضع معيارًا جديدًا في عرض ممارسات الاستدامة الجيدة في إدارة المياه
الأراضي الرطبة المُنشأة Wet-lands : إعادة تعريف الصرف الصحي البيئي
تم تصميم الأراضي الرطبة المُنشأة بطريقة تحاكي وظائف تنقية المياه التي تقوم بها الأراضي الرطبة الطبيعية. هذا يتضمن أنظمة الأراضي الرطبة المُصممة لمعالجة مياه الصرف الصحي بشكل فعّال مع الجمع الصحيح بين العمليات الفيزيائية، الكيميائية، والبيولوجية. وهو شئ اساسي في عملية تحلل الملوثات هي النباتات والكائنات الدقيقة من الأراضي الرطبة، والتي ستشكل جزءًا لا يتجزأ من إنتاج مياه مُنقاة ستُستخدم مرة أخرى في الزراعة لتمثل جزءًا من نظام الاستدامة المائية المغلق.تمثل تطبيق الأراضي الرطبة المُنشأة في القرى المصرية علامة فارقة كبيرة في مساعي التصدي لمشاكل مياه الصرف الصحي في المناطق الريفية التي تبدو مشكلة متنامية في البلدان النامية حول العالم. تساعد مثل هذه الأنظمة الصديقة للبيئة في تقليل الضغط على البيئة من مياه الصرف الصحي من خلال توفير مصدر بديل لمياه الري. علاوة على ذلك، يمكن معالجة الحمأة الغنية بالمغذيات وتحويلها إلى سماد عضوي للاستخدام في إنتاج المحاصيل لتحقيق زيادة في إنتاجية المحاصيل وتقليل استخدام الأسمدة الكيميائية. أثبت هذا النهج المبتكر أن دمج الجوانب البيئية في استراتيجيات الصرف الصحي سيؤدي إلى فوائد أوسع للمجتمع والبيئة، وإسهامه في حل مشاكل مياه الصرف الصحي الحالية في مصر واعد.


