التحديات والفرص الزراعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ٢٠٢٣

بشكل عام من المتوقع أن تنمو الزراعة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمعدل سنوي مركب يبلغ نسبة 5.7% خلال السنوات الخمس المقبلة، ومع ذلك فهذا لا يعني أن الطريق إلى المستقبل قد أصبح ممهدًا بالكامل حيث يجب أن يتبنى القطاع الزراعي بعض الاتجاهات والممارسات الزراعية الحديثة من أجل تحقيق النمو المرغوب فيه خلال العام المقبل.

فما يزيد عن 80% من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عبارة عن صحراء، وعلى الرغم من ذلك فإن تزايد عدد السكان في المناطق الحضرية سيدفع البلدان للتركيز على زيادة الإنتاج والغلة من استصلاح تلك الأراضي الصحراوية، وتلك الزيادة يجب أن تتحقق باستخدام ما يسمى بالتكنولوجيا الزراعية. التكنولوجيا الزراعية تكمن في تطبيق التقنيات والابتكارات الجديدة التي تحسن كفاءة العمليات في القطاع الزراعي، وتساعده ليصبح أكثر انتشارًا لتمكين ممارسات زراعية أكثر استدامة تستهلك كميات أقل من المياه.

من المتوقع أن ينمو حجم سوق التكنولوجيا الزراعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 12.62%، وذلك مع استخدام الدرون (أي الطائرات بدون طيار)، وأجهزة الاستشعار الموصولة بالإنترنت، والزراعة العمودية، وصولًا إلى الإدارة الذكية للتربة والري. حيث تمتلك المزارع العديد من الحلول لتختار من بينها ما يناسبها بناءً على اختلاف المحاصيل والمواقع والأراضي، ولكن الأكيد أنه يمكن لجميع المزارع الاستفادة من إدارة ذكية حديثة وأكثر كفاءة.

تحدي أخر يواجه القطاع الزراعي هو زيادة إنتاجية المحاصيل ولا سيما الحبوب والتي تعد مصدر قلق كبير للبلدان، بل أصبحت واحدة من القضايا الأكثر أهمية الآن، حيث عطلت الحرب الروسية الأوكرانية واردات القمح في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خاصة وأن المنطقة تعتمد بشكل كبير على الحبوب ويعاني ما يقرب من 20% من السكان من انعدام الأمن الغذائي. لذلك، فإن ضمان أن تتمتع المنطقة بالاكتفاء الذاتي قدر الإمكان لم يعد رفاهية، بل هي ضرورة قصوى، خاصة فيما يتعلق بالأغذية الأساسية. لهذا نتوقع أن نرى المزيد من البلدان تقدم برامج إشراف وتشريعات من شأنها حماية المحاصيل ومساعدة المزارعين على استخدام أحدث علوم الزراعة ومراقبة استخدام المواد الكيميائية ومبيدات الآفات عن كثب للمساعدة في تحسين الإنتاج.

في حين أن هذه الاتجاهات قد تبدو استجابة مباشرة لمشكلة فورية، هي أيضًا جزء من اتجاه أكبر أوشك على إحداث تغيرات جذرية في المجال. تشكل الأراضي القاحلة والجافة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحديًا للزراعة، ولكن مع زيادة حرارة الجو التي تصل إلى 6 درجات كل عقد من الزمن، ستزداد صعوبة زراعة المحاصيل، لذلك يتم البحث باستمرار لإيجاد وتطوير أصناف البذور المقاومة لتغيرات المناخ. وبالفعل يتبنى العديد من المزارعين تلك البذور في محاولة للتغلب على تحديات المناخ التي تواجههم، ولكن من المنتظر أن تعمل الحكومات والمؤسسات أيضاً على بحث وإتاحة المزيد من الحلول التي يمكن تطبيقها على نطاق واسع والتي لا تنحصر في أنواع البذور فقط، حيث سيدفعها لذلك الحاجة إلى دعم الزراعة من أجل مستقبل مستدام وآمن غذائيا في الشرق الأوسط وإفريقيا بأكملها.